تُعد المياه الزرقاء، أو الجلوكوما، من الأمراض الشائعة التي تُصيب العين ويمكن أن تؤدي إلى فقدان البصر إذا لم تُعالج بشكل مناسب، وتثير عملية المياه الزرقاء العديد من التساؤلات والاهتمامات بين المرضى وأسرهم، نظرًا لأهمية العين في حياتنا اليومية وحساسيتها.
وفي هذه المقالة، سنسلط الضوء على عملية المياه الزرقاء من جميع جوانبها، بدءًا من الأسباب والأعراض وصولاً إلى الإجراءات الجراحية المتاحة، كما سنجيب عن أكثر الأسئلة الشائعة التي تدور في أذهان المرضى، مثل كيفية التحضير للعملية، ومخاطرها المحتملة، وفترة التعافي بعدها، وذلك مع الدكتور نادر ممتاز ـ استشاري جراحات العيون والليزك، ودكتوراه طب وجراحة العيون ـ فتابعوا معنا القراءة حتى النهاية.
يقوم الطبيب بتحديد العلاج المناسب لمريض المياه الزرقاء في العين بناءً على عدة أمور، فبعض المرضى نكتفي معهم بالمتابعة المستمرة فقط، والبعض الآخر يتم استعمال نوع واحد من قطرات ضغط العين معهم، وآخرون يلجأون لأنواع متعددة من القطرات، وقد يلاحظ استجابة فئة معينة بصورة جيدة لأشعة الليزر، واستجابة فئة أخرى لعملية المياه الزرقاء الجراحية فقط.
وتكون عملية المياه الزرقاء ضرورية إذا كان معدل التدهور في الحالة والقدرة الوظيفية للعصب البصري سريعة ولا يمكن التغلب عليها بوسائل العلاج غير الجراحي كالقطرات وأشعة الليزر، أو عندما تكون ردة فعل المريض عنيفة ضد العلاج الدوائي أو لا يمكن الحصول عليه دومًا نتيجة لغلو ثمنه أو عدم توفره في المنطقة، أو عندما يكون المريض غير منضبط ببرنامج العلاج والمتابعة؛ مما يؤدي إلى تدهور الجلوكوما لديه إذا استمر على هذا النمط.
وعلى الجانب الآخر يوجد بعض أنواع زرق العين التي لا يمكن علاجها بصورة جيدة عن طريق الأدوية، وتحتاج للخضوع إلى عملية المياه الزرقاء بشكل مبكر، ومثال ذلك الجلوكوما الخلقية وبعض حالات الجلوكوما الثانوية.
الغرض الرئيسي من عملية المياه الزرقاء هو جعل ضغط العين يصل إلى المستوى المناسب؛ حتى ينتهي الضرر الذي يتسبب فيه ضغط العين المرتفع على الخلايا العصبية السليمة، وبهذا تكون غاية العملية الجراحية هو حماية الجزء السليم المتبقي من العصب البصري؛ ليستعيد قدرته على القيام بوظيفته.
أما بالنسبة للألياف العصبية التي دُمرت فعليًا، فيصعب استعادة أدائها الوظيفي مرة أخرى من خلال عملية المياه الزرقاء، ومن الجدير بالذكر أن عمليات الجلوكوما “المياة الزرقاء” لا يعقبها عودة حدة الإبصار إلى طبيعتها، أو استعادة ما تم فقدانه من مجال الرؤية؛ ولكن الغاية الأساسية من هذه العملية هو الحفاظ على ما تبقى سليمًا، وعدم التسبب في ضرر إضافي للعصب البصري.
مشاركة المريض في اتخاذ قرار العملية يعد أولى الاستعدادات قبل إجراء العملية، وكذلك الشرح الجيد والواضح للمريض عن ماهي عملية المياه الزرقاء؟ وكيفية إجرائها؟ والنتيجة المرجوة منها، وكذلك النتائج المتوقعة ونسبة نجاح العملية أو فشلها، وشرح أسباب النجاح وأسباب الفشل لكل حالة بشكل فردي، وأخيرًا المضاعفات المحتملة ونسبة حدوثها .
ويتم الحصول على موافقة المريض بالتوقيع على إقرار العملية بعد التوضيح المفصل لأهميتها ومضاعفاتها، وأن قرار الخضوع للعملية الجراحية تم اتخاذه لرجحان كفة الاستفادة من إجراء العملية على كفة المضاعفات المتوقعة منها أو عدم إجرائها نهائيًا.
ومن الاستعدادات الأولية الخاصة للمريض قبل خضوعه للعملية التأكد من استخدام المريض للأدوية الخاصة به سواء كانت للعين أو للجسم، كما يُجرى تشخيص طبي متكامل على جميع الأمراض الباطنية، مثل ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم، وداء السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، وغيرها، كما يتم التأكد من استقرار حالة المريض فيما يتعلق بالأمراض المزمنة المصاب بها.
كما يُنصح المريض بالتوقف عن استخدام بعض الأدوية، مثل الأدوية التي تزيد من سيولة الدم كالاسبرين والبلافيكس أو الوارفارين، وذلك لخمسة أيام قبل الخضوع لهذه العملية، وبالإضافة إلى ذلك يتم التحقق من عدم وجود بؤرة صديدية داخل الجسم يُحتمل نقلها للميكروبات إلى العين أثناء أو بعد العملية.
ويواصل المريض استخدامه لقطرات ضغط العين كلها فيما عدا قطرة بيلوكاربين التي يجب أن يمتنع المريض عنها قبل إجراء العملية بيوم إلى ثلاثة أيام، يستخدم عوضًا عنها قطرات المضاد الحيوي واسع المدى لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام قبل العملية، ولا يوجد حرج من استخدام القطرات التي تحتوي على الكورتيزون لمدة ثلاثة أيام قبل عملية المياه الزرقاء.
معظم عمليات المياه الزرقاء تتم من خلال التخدير السطحي – بواسطة القطرات – أو الموضعي – بالحقن حول المقلة – ونادرًا ما يُستخدم التخدير الكلّي لذلك؛ إذ يتم اللجوء إليه في حالات معينة، مثل الأطفال والحالات التي لا تتحمل التخدير الموضعي، وبصفة عامة تحتاج جميع الحالات للصيام لمدة 8 ساعات قبل الخضوع للعملية، وفي حال كان التخدير موضعيًا لا يشعر المريض بالألم خلال العملية ولا يمكنه رؤية ما يتم فيها.
تتم عملية المياه الزرقاء في غرفة العمليات التي تكون معقمة بالكامل؛ إذ يستعد فريق التخدير لاستقبال المريض وهو مستلقي على سرير العمليات، ومن التحضيرات التي تتم أثناء عملية المياه الزرقاء ما يلي:
بعد انتهاء عملية المياه الزرقاء يتم وضع شاش معقم على العين لمدة يوم كامل فقط، ويُمكن للمريض العودة إلى منزله بعد مرور ساعة على خروجه من غرفة العمليات، وبعد التحقق من سلامة وظائفه الحيوية، وفي الغالب لا يكون المريض مضطرًا لاستخدام مسكنات الألم إلا في بعض الحالات والتي يستطيع فيها تناول أدوية الباراسيتامول.
وبعد العملية يقوم فريق التمريض بتوضيح بعض الأمور للمريض، والتي من بينها:
وتستغرق فترة النقاهة بعد عملية المياه الزرقاء من أسبوع إلى أربعة أسابيع، ويجب على المريض خلال هذه المدة أن يلتزم بالراحة من العمل ومن ممارسة الرياضة العنيفة وكذلك قيادة السيارة.
وتتوقف فترة التعافي على مدى تحسن حالة العين، وكذلك ضغط العين والنجاة من أي مضاعفات محتملة، فضلًا عن الاستخدام المنتظم للأدوية الموصوفة، وكلما أصبحت حالة العين أفضل خلال وقت قصير، يتلاشى الحظر عن المريض؛ بحيث يصبح قادرًا على ممارسة حياته بشكل طبيعي.
تعتبر عملية المياة الزرقاء ناجحة إذا تمكنت من وصول ضغط العين إلي القدر الآمن للعصب (الضغط المستهدف قبل العملية)، ويعتبر النجاح كاملًا عندما يصبح المريض غنيًا عن استخدام القطرات، ويكون النجاح جزئيا عند الاحتياج إلى استخدام قطرات إضافية للوصول إلى ضغط العين المستهدف.
وفي حال عجزت العين عن العودة إلى الضغط الآمن للعصب حتى بعد استخدام القطرات فنقول عن العملية أنها فشلت في تحقيق المراد منها، كما تُعتبر العملية فاشلة إذا تم فقد البصر بالكامل بعدها أو تعرض المريض لمضاعفات خطيرة بعد العملية، مثل النزيف الداخلي أو الإصابة بالتهابات صديدية في العين.
وتتراوح نسبة نجاح عملية المياه الزرقاء وفقًا للدراسات الإكلينيكية المنشورة في الدوريات العالمية ما بين 60% إلى 90%، وتختلف نسبة النجاح وفقًا للتقنية المستخدمة، وحالة المريض الصحية، وكذلك نوع الجلوكوما، وعمر المريض وأصوله، والإصابة بأمراض أخرى بالعين، أو تعرضها العين لعمليات سابقة، كما يتأثر بمدة استخدام قطرات العين.
قد تتعرض العين لبعض المضاعفات بعد عملية المياه الزرقاء، وتكون عادةً مرتبطة بعدم ثبوت ضغط العين الداخلي، فتارة يرتفع بسبب النقص في التصريف، وفي هذه الحالة يلجأ الطبيب للقيام ببعض الإجراءات خلال المتابعة، مثل تدليك العين بشكل دوري؛ ليزيد من تصريفها، وقد يزيل بعض الغرز التي تقلل من كمية التصريف.
وعلى الجانب الآخر قد يُصاب البعض بانخفاض في ضغط العين؛ بسبب زيادة تصريف سائل العين إلى الخارج عن المعدل الطبيعي، وهو ما قد يتسبب في فقد الحجرة الأمامية بشكل كلي أو جزئي، وقد يُصاب المريض بارتشاح في كلًا من المشيمة ومركز الشبكية.
ويتم التعامل مع هذا الأمر عادةً في العيادة الخارجية، بإضافة قطرات لتوسيع حدقة العين، أو بوضع عدسة لاصقة كبيرة على العين؛ لتساعد على تقليل التصريف، مع إلزام المريض بالراحة التامة وعدم القيام بمجهود بدني أو حمل أشياء ثقيلة أثناء هذه الفترة؛ حتي يُصبح الضغط مستقرًا ويزول الخطر.
إن عملية المياه الزرقاء لا تغير من حدة البصر سواء بالزيادة أو النقصان، ولكن قد يتعرض النظر في الفترة الأولى نتيجة التغيرات المؤقتة التي تحدث داخل العين، مثل التفاعلات الداخلية أو الضغط الناجم عن الخيوط الجراحية والتشتت في توتر العين، وكذلك استعمال القطرات الموسعة للحدقة.
ويستمر ذلك الأمر لفترة أسبوعين أو أكثر حتى تستقر حالة العين، ويرجع النظر كما كان في الوضع الطبيعي، مع الأخذ في الاعتبار احتمالية الحاجة لتغيير مقاس النظارة الطبية.
في بعض حالات المياه الزرقاء المتأخرة جدًا، والتي يظهر فيها قرص العصب البصري متكهف بشكل كلي مع مجال رؤية أنبوبي، وفقد لمجال الرؤية بشكل جزئي أو كلي، وتشير بعض الدوريات العلمية إلى زيادة احتمالية فقد هذه الحالات لما تبقى من مجال الرؤية، بحيث يصبح مقدار القدرة على الإبصار حوالي ١٪ عقب عملية المياه الزرقاء، وبعد جراحات التصريف خصيصًا؛ نظرًا لانخفاض ضغط العين فيها بدرجة كبيرة، وقد أنكرت دوريات عالمية أخري هذه الظاهرة، وأن هذه الأعراض وإن حدثت فهي غير متعلقة بالعملية إطلاقًا.
جميع عمليات المياه الزرقاء تقل نسبة نجاحها بشكل تدريجي مع مرور الوقت وتأخر الحالة، ولا يمكن الجزم بانتهاء المرض نهائيًا نتيجة العملية، بل يحتاج المريض للمتابعة الدورية مع الطبيب المختص، ولذا يُنصح دومًا بالمتابعة المستمرة مهما كان الضغط منخفض أو مستقر.
مع المتابعة المستمرة يتم التيقن من أن ضغط العين متناسب مع الحالة المرضية للعصب، وعند حدوث ارتفاع في الضغط عن المستوى المطلوب، أو إذا ساءت الحالة بعد ذلك، فإن المريض يكون في حاجة لاستعمال قطرات إضافية؛ بهدف تقليل ضغط العين.
تتعدد العمليات الجراحية المستخدمة لعلاج المياه الزرقاء، وكل نوع منها يعتمد على حالة المريض الصحية، ودرجة تطور المرض، ومن بين هذه العمليات:
في الختام، تُعد عملية المياه الزرقاء خطوة حاسمة في الحفاظ على البصر ومنع تدهور الحالة بشكل أكبر، وبفضل التقدم الطبي والتقنيات الحديثة، تتوفر الآن خيارات متعددة وآمنة لعلاج هذا المرض المعقد.
للمزيد من المعلومات والاستشارات المتخصصة حول عمليات المياه الزرقاء، يُمكنكم التواصل مع عيادة الدكتور نادر ممتاز ـ استشاري جراحات العيون والليزك، ودكتوراه طب وجراحة العيون ـ وسيقوم الفريق المختص لدينا بالإجابة على جميع استفساراتكم في أسرع وقت ممكن.
يتم تحديد ضرورة العملية بناءً على حالة المريض ومدى تدهور العصب البصري. قد تكون العملية ضرورية إذا لم تكن العلاجات الأخرى مثل القطرات وأشعة الليزر كافية للسيطرة على الضغط داخل العين.
الهدف الأساسي هو خفض ضغط العين إلى مستوى آمن لحماية العصب البصري من التلف الإضافي. لا يمكن استعادة الألياف العصبية التي تم تدميرها، لكن العملية تهدف إلى الحفاظ على الجزء السليم المتبقي من العصب البصري. هل سأضطر لإجراء عملية المياه الزرقاء في وقت ما؟ ومتى يكون هذا التدخل ضروريًا؟
ما هو الغرض الأساسي من عملية المياه الزرقاء؟